رياضة وفن

حوار خاص مع الروائي والقاضي أشرف العشماوي

أشرف العشماوي

عندما تذكر بعض الأسماء، لا يمكن لكاتب آخر أن يقدمه بالشكل المناسب، فعندما تعرفت على الأستاذ أشرف العشماوي على صفحات الفضاء الالكتروني ومن خلال فيسبوك، استطعت التعرف على رواياته وأنا خارج البلاد، وانجذبت بشدة لرواية البارمان لتكون أول الروايات التي أفوز بقرائتها.

خلال القراءة تعلق في ذهنى مهارة رسمه لبعض المشاهد بحرفية شديدة وحبكة مدهشة قد تنسيك الواقع من حولك، حينها فقط يعلق اسم الروائي، بل وتلاحقه للتعرف عليه وتشكره على اللحظات التى منحها لك لتهرب اليها وتعيشها بكل ما تحمله الكلمة من معانى.

أرفع القبعة هنا لشخص أشرف العشماوي كقارئ نهم وجد السعادة في صفحات كاتب رائع وأنيق، وضع اسمه على لوحة شرف من الكتاب القلائل الذين افتخر بهم وبمعرفتى اليهم.

لم يكن لي يد في هذه المقدمة، لكن بعد هذا الحوار كانت أناملي تدغدغنى لأن أحاول أن أقدمه بشكل لا يقلل من قدره، واترككم مع الحوار الرزين …. في هدوء

                                                                                                                           المهندس / أيمن شوقي

 

من احدى روايات المهندس أيمن شوقي  المتواضعة كانت هناك رواية بعنوان “اعدام قاضي” ، كانت تتلخص في أن الأحكام للقاضي قد تكون كصاعقة للعديد من الأشخاص بل وتؤثر على حياة القاضي بالسلب فيما بعد، فهل كانت هناك بعض الأمور التي تعرض لها أشرف العشماوي كان لها بالتأثير السلبي على حياته الشخصية، بالسلب، أو تأثر بها في احدى رواياته؟

التأثر موجود بالطبع منذ يومي الأول بالنيابة العامة وليس فقط فى القضاء، لازلت أذكر القضية الأولى وأول تحقيق وأول متهم أحقق معه وأول سيدة متهمة فى قضية سرقة أيضا أول معاينة وأول جثة ناظرتها كل شئ كأنه حدث بالأمس أيضا على مدار سنين طويلة دونت ملاحظات على القضايا التي عملت فيها وبالتالي عندي صندوق أسود للجرائم فى مصر من عام 1990 حتى اليوم بتفاصيل بعضها مذهل، أتذكر أول تنفيذ لحكم اعدام حضرته لمتهم قتل زوجته لشكه فى سلوكها ثم تبين أنها مظلومة للأسف يومها طلب تدخين سيجارة كأخر طلب قبل الموت ثم نفذنا الحكم ولم أنم جيدا لمدة أيام بسببه، ايضا عندما تظل التحقيقات وتتشعب أقضي وقتا أطول مع المتهمين تنشأ بيننا علاقة انسانية غريبة باطنها الاعتراف والاحترام وتغلفها الرحمة ونهايتها العدل، وأنا قاض حكمت بالاعدام كثيرا ولم أنم ليلة الحكم أبدا وحكمت فى قضايا كثيرة بالبراءة لتشككي فى التهمة صرت أكثر لينا وأنا قاض، ولما بدأت الكتابة أصبحت أكثر رحمة أو هكذا يخيل لي، لكن الحقيقة أن عملى يؤثر في بالطبع يجعلني دائما فى حاجة لأن أحكي أن أبوح بما داخلي، طاقة مهولة تحتاج للخروج وربما كانت الكتابة هى المنفذ الوحيد لذا كتبت، وبالتاكيد تأثرت فى بعض رواياتي مما رأيته ودونته بالفعل فى روايتي المرشد والبارمان ربما هما أكثر عملين دونت بهما مشاهد حقيقية مرت أمامي بالمحاكم لكن فى المجمل هناك تأثير من عملي لكنه ايجابي ساعدني جدا وكون لدي خبرات كثيرة وجعلني ارى الناس بصورة أعمق.

  • أنا في الحقيقة أتأثر كثيرا بالقضايا التي أنظرها أو أحقق فيها ربما لأنني أري أن كثير من المتهيمن ضحايا لظروف كمجتمعية وربما لو وجدوا فى بيئة  أفضل لما كانوا مجرمين .
  • يقولون فى كتب القانون أن الباعث على الجريمة ليس ركنا فيها لكنني أرى دائما أنه مؤشرا لحالة المجتمع وترديه، وهو الباعث الدافع للقاضي كي يرحم من يحاكمه أو يقسو عليه إن اقتضى الأمر حزما.

 

بعض الروائين يتبعون طقوس خاصة في الكتابة ولا يستطيع أن يحيد عنها، فما هى طبيعة الطقوس التي يمارسها أشرف العشماوى أثناء كتابته، وهل هناك عناصر مؤثرة عليه مزاجيا أو نفسيا أثناء الكتابة؟

  • طقوسي تتلخص فى أن موعد الكتابة اذا أتي مقدس أشبه بالصلوات أغلق هاتفي أنعزل تماما، ولا يمكنني الكتابة اذا ما كان هناك صوت بجواري أو قريبا مني أكتب بقلم رصاص على ورقة بيضاء بلا سطور ثم اعيد ما كتبت على جهاز اللابتوب مرة ثانية فأقوم بتنقيحه تباعا، للأسف أدخن كثيرا أثناء الكتابة وأشرب الكثير من القهوة أيضا وقد أنام لمدة ربع ساعة لاستعيد نشاطي، كتبت روايتي الأربعة الأولى ليلا من منتصف الليل حتى الصباح وكتبت كلاب الراعي وتذكرة وحيدة للقاهرة فى أوقات مغايرة من اليوم، الأن أبدأ صباحا مبكرا فى السابعة أو الثامنة ولساعات متصلة تصل إلى خمس ساعات لأحيانا فى الجلسة الواحدة، لكن ليس كل جلسة تعني الكتابة فلأحيانا لا أجد وحيا ولا أكتب وأحيانا أجهد جدا من فرط العمل ولا يمكنني القيام لأنني أكتب بتدفق، من طقوسي ألا أغير مكاني لكن أحيانا أكتب خارج غرفة مكتبي لكنها مرات قليلة التي فعلت فيها ذلك، لكنني اعمل على روايتي الجديدة كل يوم تقريبا حتى ولو للقراءة أو المراجعة أو اعادة الصياغة، بالطبع تؤثر على عناصر مزاجية كثيرة أن أتلقى مكالمة مزعجة قبل الكتابة أو خير غير سار أو اكون منشغلا بأمر أخر كل ذلك لا يجعلني أكتب جيدا وغالبا ما أعيد ما كتبته لعدم رضائي عنه.

 

نستشف من خلال معرض القاهرة الدولي الأخير للكتاب، بداية الانحدار الأدبي في الرواية والقصة والشعر، فماهى النقط التى يمكن أن نلخصها لدور النشر حتى يحافظون على قيمة الكتاب وألا يصبح الأمر مجرد سلعة للعرض كسوق الأغانى؟

 

  • الأمر ليس بهده السهولة لأن الناشر مثلما هو مطالب بنشر ثقافة عالية جيدة يحتاج أيضا لأعمال جماهيرية رائجة تحقق المبيعات فتصرف على الأعمال الجيدة، لكن يمكن القول أن هناك حد أدنى لكل شئ فلا معنى لنشر أعمال هابطة بدعوى انها رائجة أعتقد أن الناشرين الكبار والمحترمين لا يفعلون ذلك، أنا محظوظ لأنني مع ناشر محترم، لكن أن يتحول الكتاب لسلعة وأن هناك انحدارا لسوق النشر فهذا أمر سببه أن كل من يكتب خواطر ويريد الوجاهة يذهب لفن الرواية وللأسف هناك دور نشر متواضعة فنيا بلا أي امكانات تنشر على حساب المؤلف تاخذ منه الاف وتعطيه فتات كل مرة، الأمر اشبه بالنصاب والضحية كلاهما مذنب الأول طماع يبحث عن المادة فقط والثاني مغفل بلا موهبة حقيقية يريد الظهور وحسب.
  • هذه مشكلة لا حل لها سوى الوعي لنبذ هذه الدور الطفيلية التي أساءت لصناعة النشر وللثقافة والابداع وجلعت القارئ يهرب من القراءة.

 

هل يتعمد أشرف العشماوي ممارسة الاسقاطات الدائمة في رواياته، أم أنه يترك لخياله العنان في الكتابة، ومن يتحكم في الأخر في نهاية المطاف، هل يتحكم العقل في مسار الأحداث، أم أن أنامل القاضي تكون لها حق الانحراف عما يدور في خلد الكاتب

  • الاثنان .. أنا أتعمد بالطبع بعض الاسقاطات فى رواياتي بشرط أن تكون ملائمة جدا للشخصية لأنني أتحدث بصوتها تلك ليست أفكاري إنما أفكار البطل لابد وأن تناسبه كما رسمته، وأترك أيضا لخيالي العنان تماما بلا أي رقيب  فكل رواياتي تقريبا من وحي الخيال لا توجد لدي رواية واقعية، العقل يطرح الفكرة وأنا أكتب بعد ذلك بعيدا عن عقلي انحرف تماما بخيالي وأكتب ربما فى مرحلة المراجعة يعود العقل لتهذيب بعض ما كتبت.

ماهي المدارس، أو الكتاب الذين تعشق القراءة لهم، ومن أي مدرسة تعد نفسك من تلاميذها، وهل يمكن أن تخطط لأن تغزو بإحدى الروايات مجال السينما أو التلفزيون؟

  • أحب ادب امريكا اللاتينية أكثر لكنني أيضا قرأت كثيرا فى الأدب الروسي ومؤخرا اقرأ للكتاب العرب وبعضهم تفوق علي كثير من المصريين ثقافة مختلفة ولغة جميلة الحقيقة هذا شئ افتخر به كعربي لكنه يثير غيرتي كمصري، لا أعرف إلى أي مدرسة أنتمي ربما النقاد يقولون أنني أتبع مدرسة الأستاذ نجيب محفوظ وبعضهم يرى مدارس وتيارات أخرى، الحقيقة لا أشغل نفسي بعملهم هم أدرى مني فى مجالهم أنا أرى نفسي مجرد روائي يحكي حكايات ولا أكثر وأحترم قارئي.
  • لا أخطط لسينما أو تلفزيون اذا ما جائت اهلا وسهلا أنا مسئول عما كتبته والعمل رؤية المخرج والسيناريست ولو لم تجئ فلا مشكلة على الاطلاق أنا روائي فقط ولا أريد شيئا أخر.

 

 

هل تعترف بالكتاب الجماعي من وجهة نظرك، وماهي رأيك في التطور المرتقب للكتب الرقمية أو الديجتال، لكسر حواجز الحدود والتوزيع البطئ وطمع الناشرين؟

  • لا اعترف بالكتابة الجماعية او الثنائية وأرى أنها عبث لا ابداع فيها ، لأن كتابة الرواية أو القصة هى عمل ابداعي فني بحت أشبه بالخلق فكيف يُخلق مخلوق من خالقين؟ بالتأكيد سيكون مشوها، أنا أضع بعضا من روحي في العمل الذي أكتبه كل مرة فكيف أشعر بأنه ملكي واخر شاركني به بروحه أيضا ؟ هذا أمر لا أتقبله أبدا، أما الكتب الورقية فأنا لازلت أعتقد أنها ستبقى سنينا قادمة على الأقل بنسبة 60 % ستكون قادرة على مواجهة الكتاب الرقمي، ربما هى تصل اسرع بالفعل للقارئ وتنتشر بصورة أكبر لكن لا أظن أن الغلبة ستكون لها لا يزال الكتاب الورقي موجودا بقوة.

 

 

أيمن شوقي

About Author

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

انجلينا جولي
رياضة وفن

انجلينا جولي تتحدث اعتراضا على قرار دونالد ترامب

خرجت الممثلة انجلينا جولي لتدلي بتصريح يوم الخميس الماضي في جريدة نييورك تايمز وكتبت في مقال افتتاحى بها “اللاجئون هم
أحمد فهمي
رياضة وفن

أحمد فهمي يخلع قميصه على مسرح ” أرب ايدل “

احمد فهمي ، مطرب وممثل ومقدم برنامج أرب ايدل ، وشخصية فنانة وموهوبة وخفيفة الظل أيضا ، وكان فيما مضى