وجهها الممتلئ بالأسى والحزن بسبب الأزمات الكثيرة التي عانت منها سواء هي أو أسرتها ، فتحلت بالأمل والكفاح وتمسكت بهم أساساً للحياة.
إمرأة تحلت بالأمل الذي نبت داخلها في يوم من الأيام ، امرأة بمعنى الكلمة ، من يتحدث معها لن يشعر بأنه غريب عنها، وأنه دار بينهما حديث سابق لمرات ومرات.
مديحه محمد البالغة من العمر 78 سنة ، القاطنة في الفيوم، امرأة مكافحة تستحق لقب الأم المثالية فعلى الرغم من مأساتها ظلت صامدة حتى يحين الأجل المحتوم.
مديحة ترعى زوجها الذي يعاني من مرض شديد ، وفي المقابل تعطي ذات الاهتمام لأبنائها ذوي المستوى التعليمي العالي ، ليس ذلك وفقط فهي تهتم بنفسها كامرأة عجوز تريد من يساعدها.
تسكن مديحه وأولادها وزوجها في بيت متواضع من حجرتين ،تعمل بمهنتين ، في الصباح تعمل (بالليف) وفي آخر النهار بائعة للجبن.
كفلت هذه المرأة أولادها وزوجها المريض الذي لا يستطيع العمل لشدة مرضه ، فهي إمرأة معيلة من الدرجة الأولى فلايوجد غيرها معيلاً لأفراد عائلتها الثمانية .
أبنائها السبعة منهم الطبيب والمهندس والممرضة والمحامي والمرشد السياحي والمحاسب ، لكن شغفهم بالحياة والمستقبل المنتظر الملئ بالطموحات ، تركوها و سافروا للخارج ولم يسألوا عنها.
اليوم ، مديحة وحيدة هي وزوجها ، كبر بها السن وأصبحت عجوز ، حتى أنها لم تعد قادرة على العمل أو الاهتمام بزوجها ، ولكن ماذا تفعل؟ لقد أصبحت رجل البيت أيضا !!
ذلك الفقر الشديد الذي يحيط بالمنزل وتلك الجدران المليئة بالشقوق ، امرأة بألف رجل تعاني من مرض السرطان وزوجها كذلك ! لكن مازال اليأس بعيداً عن قلبها وعقلها ، فهي معلقة برحمة الله في شفائهما ، ولا زالت تواجه الحياة المليئة بالصعاب التي لا تنتهي أينما تذهب
تقول “مديحة” :” أن جيرانها قاموا بمساعدتها كثيرا ، يعطوها النقود ، منهم من يجلب لهم علاج السرطان ، هناك من يقوم بطهي الطعام لهم ، لكن شعور العجز المرافق لها ، حيث أنها تلك المرأة القوية التي كانت تريد الحياة مثل أى شخص ينعم بحياته”
في حديثنا معها قالت “أريد أموت موتة ربنا”
مديحه إنسانة بمعنى الكلمة ، تبرعت (بكليتها) لأحد جيرانها ، حيث أنها حينها لم تفكر في نتيجة مافعلت عندما كانت بمنتصف الثلاثينات ولكنها لا تزال فخورة بذلك لإنقاذ جارها.
اصعب ما في الحياة أن ينظر لك احدهم بالشفقة ، أو الاحتياج وضعف الشخصية . تعيش مديحة حياة صعبة وحيدة لا يسأل عنها أحد ، حتى أولادها الذين اختاروا السفر تاركين تلك الصبورة يرافقها التعب والأسى بسبب رحيلهم .
حتى أقاربها ينظرون لها نظرة دونية من عيشتها البسيطة التي لا تناسبهم ولا تناسب مجتمعهم.
فيتشر : أميمة محمد