أخبار عامة

الملحمة الإنسانية … “الجولة الأولى”

الملحمة الإنسانية

“هل أتى على الإنسان حينا من الدهر لم يكن شيئا مذكورا” سؤال قرأناه مئات بل الاف المرات لكن ياتري هل أستوقفنا مرة ؟ هل توقفت عنده وأعدت على نفسك نفس السؤال ؟ هل اتى علي حينا فعلا لم أكن شيئ مذكورا ؟ وبالتأكيد فالإجابة نعم، بل ودارت بينك وبين ربك مناقشات وبرمت بينك وبينه إتفاقيات “وإذ أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا” فهذا إعتراف وإقرار منك أيها الإنسان بربوبية الله عز وجل، ويقول الله هنا “بني أدم” فلم يشهد المسلمين دونا عن غيرهم، بل أشهد كل بني أدم، وأقر كل بني أدم بربوية الله عز وجل، وعرض الله عليك أمر العبادة الإختيارية فقبلت بها وحملتها “إنا عرضنا الإمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا” إذا فقد جئت بإختيارك، وأنت وحدك المسئول عن قرارك…

ولكن أين كنت ولماذا لم أبقى حيث كنت ؟ ولماذا أتيت إلى هنا وكيف ؟ ما هي القصة ؟ كيف بدأت ومتى ؟ وياترى متى ستنتهي وكيف ؟ وما هي الحكمة والعلة من وجودي أساسا ؟ يبدو انه لم يعد مجرد سؤال واحد، ويبدو كذلك أن الإجابة علي هذه الأسئلة لن تكون سهلة، فها هي الحيرة تتفجر، وها هي النفس تتحير، وها هو العقل يتفكر، ولما أعتمدت على عقلي في معرفة الحقيقة ضللت أكثر، وأدركت حينها أن هناك شيئ أكبر، وأدركت أنه قد حان الوقت لإن أقرأ القرآن وأتدبر، وأنه قد آن الأوان للقلب أن يتخير، وحان الوقت لتعلم أن القرآن هو كلمة الله للإنسان، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر…

وأعلم أنه قبل أن يهودك أو ينصرك او يمجسك أباك، فأنت إنسان، فإن اختلفت فينا الديانات فقد أجتمعت فينا الإنسانية، وستظل وجوهنا تحمل ملامح الإنسانية وإن اختلفت ألواننا وإن تباينت ملامحنا، وإن فرقتنا المذاهب ومزقتنا الفرق فستظل الإنسانية هي الأرض المشتركة التي نقف عليها جميعا، وإن إختلفت الأهداف وتشعبت الطرق فسيظل عدونا واحد وهو الشيطان، ومن هذا المبدأ سنبدأ، ومن هذا المنطلق سننطلق…

– ففي البدء كان الله ولم يكن شئ سواه، و كانت الجنة ولم تكن هناك دنيا ولا بشرية، ولا إنسيا ولا جنيا، ولا أديان ولا مذاهب و لا مسلم ولا مسيحي ولا يهوديا، وكانت ملائكة يعبدون الله ليل نهار لا يفترون، منهم ساجدا ومنهم قائما لا يكلون ولا يملون، فأراد رب البرية، أن يعرف وأن يعبد عبادة إختيارية، فنادى الملائكة وقال إني جاعل في الأرض خليفة، فتسائلت الملائكة في وجل وخيفة، وقالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، فقال إني أعلم مالا تعلمون في الأرض وفي السماء، ومن نفحة من تراب وماء، ومن نفخة من رب الأرض والسماء، كان أدم وكانت حواء، ونادي ادم وقال أنبأهم بأسمائهم فأنبأهم بجميع الأسماء، وأمر الملائكة بالسجود لأدم فأمتثلوا جميعا للنداء، إلا إبليس أبى و أستكبر وملأه الكبرياء، ووقف متحديا رب الأرض والسماء، وقال أنظرني الى يوم يبعثون، وأنظر الى هذا الذي فضلت علي لأغوينه وذريته أجمعون، وقال يا ادم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى، فأطاعه ادم وكان بطاعة ربه لو يدري أولى، فقال أهبطوا جميعا بعضكم لبعض عدوا….

و من هنا كتبت كلمة البداية للملحمة…

الملحمة الأزلية، الملحمة الأبدية، ملحمة الإنسان، التي بدأت بنزول “أدم” عليه السلام، أول إنسان الى الأرض، ومعه إبليس عدوه اللدود، مشمرا عن سواعده ومكشرا عن أنيابه، بعد أن خسر كل شئ، تملؤه رغبة شديدة في الإنتقام، ويملؤه حقد أعمى لا يهدأولا ينام، فلم يعد له توبة ولا ندم ولا عودة، فقد أعلنها صراحة في تكبر وتجبر، من غير حياء ولا تدبر، وأقسم بعزة الله وجلاله، أن يضلك أيها الإنسان وأن يحتنك ذريتك، وأعد لك العدة وجيش لك الجيوش، من صوته وخيله ورجله، ووعوده الزائفة كما وعد أبوك من قبل ولم يعده إلا غرورا، فلن يترك طريقا لغوايتك الا وسيسلكه ولن يترك بابا لضلالك الا وسيطرقه، ومادام الأمر كذلك ومادمت أنت أيها الإنسان سببا في نفيه الى الأرض-كما يدعي- وطرده من الجنان، فلن يدعك تعود اليها مرة أخرى، ولن يرضى بجهنم مستقرا ولاقرار، الا وأنت رفيقه في تلك الدار، ولبئس المستقر ولبئس الجار…

ولم يرضى الله سبحانه وتعالى وماكان ليرضى أن يترك خليفته في الأرض، وصنعة يداه، والتي نفخ فيها من روحه، والذي كرمه على سائر مخلوقاته، ماكان ليتركه أبدا فريسة سهلة ولقمة سائغة للشيطان، وإن كان قبل بالتحدي ولكنه لم يجعل له عليك من سلطان، وأعطاك من رحمته بك سلاحا فتاكا أعيا الشيطان و أرهقه، ولطالما رد كيده في نحره، الا وهو سلاح “التوبة” و الذي طالما أذهب بعمله أدراج الرياح، وبات ليله مطمئنا لكفرك ليجدك مؤمنا بالصباح، وكان من لطفه بك أيها الأنسان أن أرسل اليك الأنبياء والرسل، على مر الزمان، فكلما أستشرى الفساد، وظن إبليس أن شرعه قد ساد، أرسل اليك الرسل رحمة ليأخذوا بيد البشرية، ليقلوها من عثراتها وليهدوهم الى سواء السبيل، وكلما تبدلت العصور وطالت بالناس الدهور، دخل عليهم ابليس من كل باب، وأنساهم شريعة ربهم أو بدلها لهم، وعرف مواطن ضعف النفس البشرية فدخل عليه منها، فهذا “قابيل” يوسوس اليه الخناس فتشتعل في قلبه الغيرة، فيسول اليه قتل أخاه، فيقف أمام أخوه في مشهدا مؤثرا ويتحداه، وبسط اليه يده ليقتله، ويأبى “هابيل” أن يبسط يداه، ويكتب التاريخ بمداد من دم أول جريمة قتل في تاريخ البشرية، لينتصر الشيطان في أول جولة من جولات الملحمة، ويرسل الله غرابا يبحث في الأرض، ليعلم قابيل كيف يواري سوءة أخيه، ليكون أول معلم في تاريخ البشرية ليس بشريا، وأول رسول لبني آدم ليس آدميا، وفي هذا رسالة ربانية الى الإنسان ألا تغتر ولا تتكبر فقد يعلمك غراب، ولتعلم أن لله رسل لا يعلمها إلا هو…

وهكذا أنتهت أول جولة من جولات الملحمة، فاز الشيطان فيها فأراق الدماء وقطع المرحمة…

– والى لقاء جديد إن شاء الله مع الجولة الثانية من جولات الملحمة…

Zaid sayed

About Author

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

إيران تتجاهل العقوبات الأمريكية
أخبار عامة

إيران تتجاهل العقوبات الأمريكية وتهدد بالرد بالمثل على قرارات ترامب

إيران قامت بالرد على ما تم إصداره من عقوبات أمريكية بحقها بأنها غير ذات أهمية وتتجاهل ما تم فرضه من
أردوغان
أخبار عامة

أردوغان يعترض على تعبير الإرهاب الإسلامي في تصريحات ميركل

أردوغان يعترض على تعبير الإرهاب الإسلامي في تصريحات ميركل في زيارتها لتركيا بعد المحاولة الإنقلابية التي تعرضت لها تركيا في