رياضة وفن

بيت الكريتلية… أثار و أسرار..

_في حي السيدة زينب بالقاهرة ، وفي أحد أعرق شوارعها وتحديدا في شارع “أحمد بن طولون” ، تجد بيتا قديما وتحفة فنية رائعة وقطعة أثرية هامة ونادرة ، يقف شامخا ومواجها أحداث الزمان وحوادث الأيام ، ومتحديا بقوة هذا الغزو العشوائي المقيت الذي يحيط به من كل مكان ، أنه بيت “الكريتلية” أو “الجريدلية” أو “سبيل وبيت محمد بن سالم الجزار” ، أو متحف “جاير أندرسون” وهو ما يطلق عليه حاليا . وفي زمان كانت العمارة فيه فن ، وكان الفن فيه نمطا للحياة ، بني هذا البيت … فقد أبدع الفنان العثماني في صنع هذه التحفة المعمارية ، وهذا البيت والذي تحول الأن الي متحف.. يتكون من بيتين تربط بينهما قنطرة.

أما البيت الأول فقد أنشأه المعلم “عبد القادر الحداد” سنة 1540 م ، ويعرف بأسم بيت “امنة بنت سالم” . ولأنها كانت اخر من سكن بالبيت فقد نسب اليها . وكانت سيدة ثرية ، ويعود أصلها الى جزيرة “كريت” ، ولذلك أطلق عليه الناس بيت “الكريتلية”.

والبيت الثاني فقد أنشأه واحدا من أعيان القاهرة ، وهو “محمد بن سالم بن جلمام” . وكان ذلك في عام 1631 م . وملحق بالبيت “سبيل” ، وهو علي شكل مستطيل ، به شباكين ليشرب منه المارة ، وله مدخلين أحدهما رئيسي والثاني فرعي من داخل البيت ، ويوجد في حجرة الماء نص تأسيسي مكتوب على الجدار يشتمل على أسم المؤسس وتارخ الإنشاء ونصه..

“بسم الله الرحمن الرحيم ، انا فتحنا لك فتحا مبينا ، أمر بإنشاء هذا السبيل المبارك من فضل الله تعالى ومن جزيل نعمه ، الحاج محمد بن الحاج سالم بن الحاج جلمام الجزار ، وكان الفراغ من هذا البناء في سنة واحد وأربعين بعد الألف للهجرة” . والسبيل موجود في الجزء الذي يفصل بين المنزلين والذي يؤدي الى جامع “أحمد بن طولون”. وتم تأسيس البيتين في 1930_1935 م . بعد أن ساءت حالتهما وكادا ان يهدما.

_جاير أندرسون.

خدم أندرسون كطبيب في الجيش الأنجليزي والجيش المصري في وادي النيل ، وكان يعتبر مصر وطنه الثاني ومن شدة حبه لها فقد أستقر بها منذ عام 1908م . وقد كتب في مذكراته “مصر أحب الأراضي الى قلبي لذلك لم افارقها وقضيت بها أسعد أيامي منذ مولدي” . وكان أندرسون مولعا بالأثار من كل العصور وخاصة الأثار الأسلامية . وقد تقدم المايجور “جاير أندرسون” الى لجنة حفظ الأثار بطلب أن يقيم في البيتين على أن يجمع ويعرض فيهما مقتنياته الأثرية سواء كانت أسلامية أو مسيحية أو فرعونية . وعلى ان تكون هذه المجموعة الأثرية ملكا لشعب مصر ويتنازل عنها نهائيا ، بعد وفاته أو حين مغادرته للبلاد ، ووافقت اللجنة على طلبه ، وأستقال من عمله كطبيب في الجيش الأنجليزي وسكن البيت ، والحق ان الرجل كان محبا فعلا للأثار والفنون وعاشقا لمصر فلم يدخر جهدا ولم يبخل بوقت ولا بمال ، في تحويل البيتين الى متحف حقيقي ،فكان يشتري التحف والاثار من البيوت القديمة ومن الأسواق ، وكانت تجارة الأثار مشروعة في ذلك الوقت ، ولم يقتصر على الاثار المصرية فقط بل نجد في المتحف أيضا قطعا فنية تنتمي الي حضارات صينية وفارسية وقوقازية و أوروبية. ويتكون المتحف من 29 قاعة ، ويحتوي أيضا على جناح “السلاملك” وهو خاص باستقبال الزوار ، وجناح “الحرملك” وهو خاص بسيدات البيت ، كما توجد به أيضا غرفة للقراءة ، وغرفة تسمى الغرفة الفارسية ، وغرفة الأطفال ، وغرفة النوم الخاصة بأندرسون ، والغرفة السرية التي كانت تستخدمها السيدات لمشاهدة الحفلات دون ان يراهم أحد ، وغرفة تسمى “متحف البيت” وبها قطع أثرية فرعونية مثل رأس نفرتيتي، وغرفة للعرائس حيث كان يتم تجهيز العروس بها وتحوي الكثير من أدوات الزينة وزجاجات العطور ، وغرفة خاصة بالولادة ويوجد بها مجموعة نادرة من كراسي الولادة الخشبية ذات فتحات دائرية و التي توضح طريقة الولادة وقتها …

وقد نسجت حول البيت العديد من الأساطير ، ومن أحد هذه الأساطير أن هذا البيت قد بني على “جبل يشكر” الذي رست عليه سفينة نوح عليه السلام ، ومنها أيضا أن البئر الموجود في حوش البيت مسحور ، ولو ان شخصا نظر ماء ذلك البئر فأنه يرى وجه من يحب.

عاش “أندرسون” سبعة أعوام في بيت الكريتلية من عام 1935 حتى عام 1942م ، أستطاع خلالها أن يحول هذا البيت الى متحف من أهم وأجمل المتاحف الأثرية ، والذي أصبح متحفا مفتوحا بعد وفاته عام 1945م انفاذا للوعد الذي قطعه مع الحكومة المصرية . وقد منحه الملك فاروق لقب باشا تقديرا منه على ما قدم وعلى ما بذل .

كان جمال البيت وعراقته مصدر الهام لكثير من صناع السينما ، فقد تم تصوير فيلم جيمس بوند ” الجاسوس الذي أحبني” عام 1977 م ، وفيلم “شهد الملكة” للأديب نجيب محفوظ ، عام 1985 م .

Zaid sayed

About Author

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

انجلينا جولي
رياضة وفن

انجلينا جولي تتحدث اعتراضا على قرار دونالد ترامب

خرجت الممثلة انجلينا جولي لتدلي بتصريح يوم الخميس الماضي في جريدة نييورك تايمز وكتبت في مقال افتتاحى بها “اللاجئون هم
أحمد فهمي
رياضة وفن

أحمد فهمي يخلع قميصه على مسرح ” أرب ايدل “

احمد فهمي ، مطرب وممثل ومقدم برنامج أرب ايدل ، وشخصية فنانة وموهوبة وخفيفة الظل أيضا ، وكان فيما مضى