حذّر الدكتور محمد هاني فرويز، استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة، من التأثيرات النفسية والعصبية الخطيرة التي قد تتركها لعبة روبلوكس على الأطفال، مشيرًا إلى أن الأمر لم يعد مجرد قلق عابر، بل أصبح قضية علمية ذات أبعاد دولية. فقد حمل أحد مؤتمرات جامعة أكسفورد مؤخرًا عنوانًا صادمًا: “2025 عام التعثر الدماغي للأطفال”، في إشارة إلى ما قد تسببه هذه الألعاب الإلكترونية من أضرار جسيمة على الدماغ.
الاستخدام المفرط والإجهاد الدماغي
بحسب فرويز، فإن الإفراط في استخدام روبلوكس يؤدي إلى إجهاد دماغي شديد، ويهدد قدرات الطفل على التركيز، الحفظ، والتعلم. ومع تكرار الاستخدام، تظهر مشكلات معرفية خطيرة، خاصةً لدى الأطفال في مراحل التكوين العقلي والسلوكي، وهي مراحل حساسة تحدد مستقبلهم الذهني والاجتماعي.
علامات الإنذار المبكر
يرى الخبراء أن هناك علامات مبكرة يجب أن يلاحظها الأهل، مثل:
- القلق والتوتر الزائد
- اضطرابات النوم
- فقدان الشهية
- تغيرات حادة في السلوك
تلك الأعراض قد تكون بداية إدمان رقمي، يحتاج لتدخل سريع وواعي من الأسرة، دون توبيخ أو لوم، لأن اللوم يدفع الطفل للغوص أكثر في العزلة.
مظاهر الانطواء والخوف
أحد أخطر ما ينتج عن الاستخدام المفرط للعبة روبلوكس هو العزلة الاجتماعية والانطواء. الطفل يبدأ في الانسحاب من الحياة الواقعية، ويفضل البقاء داخل عالم اللعبة الذي يوفر له شعورًا بالأمان والقبول. قد تظهر عليه مشاعر الخوف من الناس، وفقدان الثقة في التواصل الطبيعي.
لماذا يتعلق الطفل بروبلوكس؟
أوضح فرويز أن الطفل الذي يعاني من ضعف في الثقة بالنفس أو صعوبات في التواصل، يرى في روبلوكس وسيلة للهروب من الواقع. اللعبة تمنحه حرية بناء عالمه الخاص، والتفاعل مع آخرين وفق شروطه، مما يمنحه شعورًا بالانتماء لا يجده في محيطه الحقيقي.
الدوبامين والإدمان
تصميم اللعبة نفسه يعتمد على الإثارة والتحديات المستمرة، ما يحفز إفراز مادة الدوبامين في دماغ الطفل، وهي المادة المسؤولة عن الشعور بالسعادة. هذا التحفيز المتكرر يؤدي إلى تعلق دائم باللعبة، وشعور دائم بالحاجة للعودة إليها، مما يدخل الطفل في دائرة الإدمان النفسي.
كيف نتعامل مع الموقف؟
يوصي الخبراء بالتالي:
- فتح حوار هادئ مع الطفل لفهم مشاعره واحتياجاته
- تنمية مهاراته وهواياته الواقعية مثل الرياضة، الرسم، أو الموسيقى
- توفير بدائل مسلية وآمنة بعيدًا عن السيطرة والتهديد
- المشاركة في عالم الطفل الرقمي بدلًا من منعه فجأة
دور الأهل والوعي الرقمي
في الختام، يؤكد فرويز أن الأهل هم خط الدفاع الأول. يجب أن يكون لديهم وعي كافٍ بطبيعة هذه الألعاب، وأن يفرضوا ضوابط ذكية ومتناسبة مع عمر الطفل، مع تعليمهم عدم مشاركة أي بيانات شخصية أو التواصل مع الغرباء داخل اللعبة. فالمطورون يعرفون جيدًا كيف يصممون الألعاب بطريقة تجذب الطفل وتستغل نقاط ضعفه النفسية.
خلاصة:
روبلوكس ليست مجرد لعبة عادية، بل عالم واسع يمكن أن يكون خطرًا حقيقيًا إن تُرك بلا رقابة. الحل لا يكمن في المنع المطلق، بل في الفهم، الحوار، والدعم الذكي من الأسرة، لحماية عقل وسلوك الجيل الجديد من الوقوع في فخ الإدمان الرقمي.