بقلم / أحمد الفخراني
خضر العمايم وأنا نايم ندهوني….. وأهل الكرم في الحرم ناديتهم جوني… قالوا نعــدك معانا قلت عدوني.
صوتة عذب قلبه عامر بعاشقين ومجذوبين ودراويش اولئك الذين لاهم لهم فى الحياه سوى ارتشاف القليل من قطر غيمة الحب ..الشيخ احمد التونى الذى غنى لله وللانسان أيا كان دينه او مذهبة او لغته ففي دينه “الله هو المحبه”ومذهبة “العشق هو الطريق” .ولغته “الموسيقى لغة الكون”.
شيخ المداحيين و سلطان المنشدين “بلبل الصعيد”هكذا لقب صاحب الصوت القادم من السماء فلامحه الصعيدية وهيامه في حب رسول الله كان بوابه شهره واسعه في فن المديح ..واحد من شيوخ واقطاب الانشاد الدينى الذين خرجوا من اعماق التربة المصرية الى افاق التجليات العالمية جاء من الصعيد وقلبه معلق بحب ال البيت فطاف الموالد ينشد الحب بصوته الساحر وكلمات لائمة شعراء التصوف من بينهم شهيد الحق “الحلاج” وسلطان العارفين “محى الدين بن عربى”وكان يؤديها بأسلوب بسيط
طاف الشيخ التونى ينشر سحره على العاشقين مسبحا ذاكرا بكل جوارحه مصليا على البنى صلى الله علية وسلم ينشد بأشهر الموالد في ربوع مصر .كمولد الحسين ,والسيدة زينب ,والسيدة نفيسة ,والسيد البدوي.
ساقى الارواح الذى خرج بالغناء الديني الصوفي من المحلية الى العالمية فاستحق لقب “سلطان العاشقين”
ولد الشيخ احمد التونى بقريه الحوا تكه التابعة لمركز منفلوط بمحافظه اسيوط في صعيد مصر والحواتكه ليست مجرد قريه عاديه من قرى الصعيد وانما هي مهد الانشاد الديني وفن المديح كان منها الشيخ الشبيطى والقبيصى وغيرهم ممن سمعنا عنهم ولم نسمعهم للأسف .ومنها تخرج الشيخ التونى وتلميذه الشيح ياسين التهامي زعيم دوله المديح النبوي في مصر وكان ذكر اسم الحوا تكه في أي قريه مجاوره يستدعى فورا ان تردد كلمه…مدد….
عشق الشيخ التونى وارتبط بحلقات الذكر والموالد والمديح منذ طفولته حتى اصبحت وطنه. فكان يحضر لكبار المنشدين حيث كانت تقام الحفلات الصوفية في القرية بشكل دائم حتى في المناسبات كالأفراح .ومن عشقه للإنشاد الديني يظل التونى جالسا بجانب المنشدين يستمع لهم بتمعن ويتعلم.
في بداية العقد الثاني من عمره وبينما كان يجلس امام مسجد السيدة نفيسة جاءه المنشد الشهير رمضان حسن عيسى من منفلوط ورمى عليه عباره قائلا “قوم يا خويا دعوتك قبلت “لينشد اول مره امام مقام السيدة نفيسة”كريمه يلى مقامك حلو ومنور .والكل واقف على بابك ويشاور للناس تدخل عندك .ويضيئوا شموع الدلال على العاصي “
تميزت انشادته كباقي منشدي الوجه القبلي باللغة الفصحى الصحيحة ويركز على الكلام وليس الالحان فهو ينشد بشكل فطرى ارتجالي مما يحفظه من اشعار ائمه التصوف مثل ابن الفارض ,وابوالعزائم .والحلاج , محى الدين بن عربي.
وقد قضى عقودا طويله من عمرة يغنى دون بطانه او حاشيه او تخت . ولم يكن يصاحبه في احياء لياليه سوى كوباية ومسبحة من الزجاج يمسكها بيده ويضع في اليد الاخرى مسبحة ويصنع من طرقات المسبحة على الزجاج الة ايقاع لتكون خلفيه لا نشاده الذى يأتي مرتجلا.
تجده يتمايل في خشوع وروحة في رحاب الله يضبط ايقاع انشاده بمسبحته التي لم تفارقة وكاس زجاجي يمسك به في حفلاته وينقر علية ثم بعد ذلك اعتمد على الموسيقى وادرك اهميه استخدام الموسيقى في نشر رساله التصوف . ويفسر الشيخ التونى ذلك الى ان الايقاع يعطى المنشد نشوه.
وصف التونى الموسيقى بانها تجلب الجمهور وتقرب المعنى وتطرب النفس وترقق المشاعر وتؤدى لان يسود سهرات وحضرات الانشاد الصوفي نوع من الصفاء والحب والتشويق .
وقد اهتم السابح في سماء التصوف بتقديم التراث القديم كما جاء على السنه الاولياء والعارفين بالله والسالكين في مدارجهم متل الرفاعي ,والدسوقي ,والجيلانى.وكان الشيخ يجد متعة في الغناء لساعات متواصلة قد تصل الى ست ساعات وكل ذلك ارتجالا مما يحفظه من الشعر .
استطاع سلطان العاشقين بأدائه المتميز وصوته العذب الانطلاق بالإنشاد الديني من المحلية الى العالمية وتلقى دعوات للمشاركة في العديد من المهرجانات “الموسيقى الروحية” في دول عديدة منها سويسرا فشارك فى مهرجان فريبورغ الدولي للموسيقى الروحيه في 2008 واتار اداؤه انبها الجمهور لما يحملة فنه من شجن لا نظير له وسلطنه تسمو بالسامعين الى مقامات ساميه كما زار وبلجيكا والمغرب وتونس وفرنسا واستطاع ان يصل برساله التصوف الى شعوب لا يتحدثون العربية .
وكما تساءل محمود درويش في جداريته “من اين تأتى الشاعرية”؟اسال نفسى دائما من اين ياتى هذا الرجل بقدرته على تحويل الذبذبات الخفيه للروح التي تسرى الكون الى اصوات بسيطة لكنها تجعلك بغض النظر عن قناعاتك ومعتقداتك وذوقك الفني الى طفل صغير مغمض العينين في مهده “
ودائما كان يقول الشيخ التونى ان التصوف صالح لجميع الاديان …رحل التونى وبقى لنا صوتة يسقى ارواحا ويخلب عقولنا بسحر المديح ….شكرا احمد التونى فالعشق نهر يجرى بين المحبيين لا ينضب….
