تنتشر ظاهرة عناد الأطفال بدرجة كبيرة، حيث يرفض الطفل ما يؤمر به ويصر على التصرف بعناد، وقد يحدث لفترة قصيرة أو عابرة أو يظل جزء لا يتجزأ من شخصية الطفل وسلوكه.
متى يبدأ العناد؟
تبدأ ظاهرة العناد في مرحلة مبكرة من عمر الطفل، فقبل سنتين من عمره لا تظهر أي مؤشرات تدل على سلوك العناد؛ خاصة أنه في مثل هذا العمر يعتمد على الأم بشكل كبير لذلك يتكون لديه موقف الحياد والمرونة.
وللعناد مرحلتين، تبدأ المرحلة الأولى عندما يتمكن الطفل من المشي والكلام عند سن الثلاث سنوات من العمر، عندما يشعر بالإستقلاليه فيرتبط حينها العناد بما يجول في خاطره من خيال ورغبات.
أما المرحلة الثانية: فتبدأ في سن المراهقة، وتتكون رغبة بداخل الطفل للإنفصال عن أفكار أبويه، ويكون في هذه المرحلة بحاجة لتعلم العادات الاجتماعية السوية، وأن العناد ليس الطريق الصحيح للوصول لما يريده، كما يحتاج لمعاملة خاصة مليئة بالمرونة والتفاهم وفتح باب الحوار معه.
https://youtu.be/dzdqVJoHJhE
وللعناد أشكال كثيرة
عناد التصميم والإرادة:
وهذا النوع من العناد يجب أن ينال التشجيع والدعم من كلا الأبوين، لأنه يعد نوع من التصميم، فمثلا من الممكن أن نرى الطفل يُصر على تكرار محاولاته في إصلاح لعبة، وإذا فشل يزداد إصراره على تكرار محاولته مرة أخرى.
العناد المفتقد للوعي:
ويقوم العناد المفتقد للوعي على تصميم الطفل على رغبته دون التفكير في العواقب المترتبة على هذا العناد، يتمثل في أن الطفل يصر على استكمال مشاهدة فيلم على التلفاز بالرغم من محاولة أمه لإقناع له بالنوم، لكي يتمكن من الاستيقاظ مبكرا للذهاب إلى المدرسة.
العناد مع النفس:
في هذا النوع من العناد نرى أن الطفل يحاول معاندة نفسه، ويصبح دائما في صراع داخلي، فإذا غضب من أمه، فإنه يرفض الطعام وهو جائع، على الرغم من محاولات أمه وتوسلها إليه بتناول الطعام، وهو يظن بهذا الفعل أنه يعذب نفسه بالتضور جوعاً.
العناد اضطراب سلوكي:
ويميل الطفل في هذا النوع من العناد إلى المعاكسة والمشاكسة ومعارضة الآخرين في شتى الأمور سواء الإيجابية أو السلبية، و خلال هذه المرحلة يعتاد الطفل العناد صفة راسخة في شخصيته ويجب استشارة طبيب.
عناد فسيولوجي:
ويتسبب في العناد الفسيولوجي بعض الإصابات العضوية التي تصيب الدماغ مثل أنواع التخلف العقلي، والتي يظهر فيها الطفل في مظهر المعاند السلبي.
أسباب العناد
هناك العديد من الأسباب التي تتسبب في اكتساب الطفل لصفة وسلوك العناد ومنها:
أوامر الكبار:
قد تكون في بعض الأحيان أوامر الكبار غير مناسبة للواقع الذي يعيشه الطفل، وقد تؤدي إلى العديد من العواقب السلبية، مما يدفعه إلى استخدام أسلوب العناد لرد فعل للأسلوب الأبوي الذي يرغم الطفل على أي شيء.
فنرى أحيانا أن الأم تصر على طفلها بأن يرتدي معطفاً ثقيلاً يعرقل حركته خلال اللعب، وقد يسبب عدم فوزه في السباق مع أصدقائه حسبما يرى، أو أن يكون لونه مختلفا لزيه المفضل، و قد يسبب هذا له الإحراج وسط زملائه، ولذلك يرفض لبسه، و لم تدرك الأم كل هذه الأبعاد.
التشبه بالكبار:
قد يلجأ الطفل إلى العناد و التصميم والإصرار على رأيه متشبهاً في ذلك بأبيه أو أمه، ولك عندما يصممان على إجباره لفعل شيء معين أو ينفذ أمراً ما، دون رغبته أو إقناعه لأسبابهم الخاصة التي يروا فيها أنها من مصلحته فعل هذا الأمر.
رغبة الطفل في تأكيد ذاته:
يمر الطفل بالعديد من مراحل النمو النفسي، وأحيانا يكون العناد شيء إيجابي يعبر عن مرحلة النمو والنضج، وذلك عندما يكون غير المبالَغ فيه، وهذا يساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وذاته وقدراته على التأثير في الأخرين وفي نفسه، ومع الوقت يتعلم هذا النوع من الأطفال أن العناد والتحدي ليسا هما الطرق الصحيحة والسوية لتحقيق مطالبهم.
التدخل بصفة مستمرة من جانب الآباء وعدم المرونة في المعاملة:
دائما ما يرفض الأطفال اللهجة الجافة من قبل الأب والأم، ويتقبل الرجاء أو المشاركة، ولذلك قد يلجأ إلى التحدي والعناد بسبب محاولاتهم لتقييد حركته، ومنعه من ممارسة ما يرغب به دون محاولة إقناعهم له.
الإتكالية:
من الممكن أن يظهر أسلوب العناد من الطفل كرد فعل منه ضد الاعتماد الزائد على الأم، أو على المربية أو الخادمة الخاصة به.
الشعور بالعجز:
إذا تعرض الطفل لأي نوع من المعاناة أو الشعور بقلة خبرات الطفولة، أو مواجهته لصدمات معينة في حياته، أو إعاقات مزمنة، كل ذلك يجعل العناد وسيلة للقضاء على هذا الشعور بالعجز والقصور والمعاناة.
الدعم والاستجابة لسلوك العناد:
إذا استغل الطفل هذا السلوك فلن تسطيع الأم مواجهته فلا يجب تلبية طلبات الطفل ورغباته نتيجة ممارسته للعناد، لأن ذلك يدعم سلوك العناد لديه، ويصبح أحد الطرق والأساليب التي يعتمد عليها بهدف تحقيق أغراضه ورغباته.
https://youtu.be/0maZtpn0F14
كيف تتعاملين مع الطفل العنيد؟
يشير العديد من العلماء وخبراء التربية، أن كثيراً ما يكون الآباء والأمهات هم السبب الأساسي في تأصل العناد لدى أطفالهم، خاصة أن الطفل عندما يولد لا يعرف شيئاً عن العناد.
والأم دائما تعامل مع أطفالها بحب وتتصور أن من حسن تربيتهم عدم تحقيق كل طلبات الطفل، وفي الجهة الأخرى يصر الطفل عليها، وهي أيضاً تصر على موقفها، لذلك يتربى الطفل على العناد وفي هذه الحالة يجب:
1- اللجوء إلى حسن المعاملة والدفء العائلي، والبعد عن إجبار الطفل على الطاعة، وتحويل مسار المعاملة إلى اللينة والمرونة في الموقف، خاصة أن العناد اليسير من الممكن أن نغض النظر عنه، ونستجيب لما يريده الطفل، ما دام تكمن الفائدة في تحقيق رغبته دون أي ضرر، وما دامت هذه الرغبة في حدود المقبول.
2- من الممكن أن تقوم الأم بشغل الطفل بشيء آخر والتمويه على مايريده إذا كان صغيراً، كما يمكن مناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيراً للوصول إلى حل وسط.
3- من الممكن اللجوء للحوار الدافئ المقنع مع الطفل دون تأجيل ويعد أسلوب من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد، خاصة أن تأجيل الحوار إلى وقت لاحق يُشعر الطفل بأنه ربح المعركة و أوامره تنفذ دون وجه حق.
4- يمكن للأم أن تضع عقاب مناسب لمعالجة أسلوب العناد مع طفلها ويجب ألا يكون العقاب أكبر من الموقف، ويطبق مباشرة بعد الخطأ الذي يقع فيه الطفل حتى يرتبط بذهنه.
فإذا كانت الأم قد اتفقت مع طفلها بانها ستشتري له نوعا من الحلوى أثناء ذهابهما إلى السوبر ماركت، وحدث أنه عاند وطالب بشيء أكثر أو بنوع ضار به وشرحت له أسباب الرفض ولم يستجيب ، فعليها ألا تشتري له مهما كان ومهما فعل، وإن أساء أدبه في المكان العام من الممكن أن يصل العقاب إلى حرمانه من شراء الحلوى من الأساس.
5- تعودي على تشجع طفلك ومدحه عندما يسلك سلوكًا جيدًا أو يستمع إليك ويطيعك وكافئيه دائما بما يريده مثلما تعاقبينه عند سلوكه العنيد.
6- لا تشتكي لأحد وتذكري عناد الطفل أمام الآخرين في حضوره أبدًا مهما كان الأمر.
7- لا تقارني بين الطفل وإخوته أو بينه وبين أحد زملائه لأن ذلك قد يكون أحيانًا سببًا قوي للغضب والعناد.
8- اتفقي مع زوجك على سلوك طريقة واحدة للتربية، لأن اختلافكما قد يتسبب في عناده، لأنه لن يستطع إرضائكما معا.
9- تمتعي بالصبر ثم الصبر على طفلك، وليكن الأكثر صبرًا منكما هو المسؤول الأول عن التفاهم معه دون أن إنسحاب الطرف الآخر من العملية التربوية تمامًا.
10- وأخيراً لابد من معرفة وإدراك أن معاملة الطفل العنيد ليست بالأمر الهين، فهي تتطلب منك الصبر والحكمة، وعدم اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع.
https://youtu.be/ogS3OD-3IS0