أخبار عامة

محمد خير البرية و رسول الإنسانية

لكم هو صعبا أن تكتب عن العظماء، ولكم هو عسيرا أن تتكلم عن الزعماء، ولكم هو شاقا أن تتناول حياة الرسل و الأنبياء، فما بالك بأعظم العظماء، وأخلد الزعماء، وسيد الرسل والأنبياء، فلكم كان الأمر صعبا وعسيرا وشاقا، عندما شرعت في كتابة مقالي عن محمد بن عبد الله رسول الله “صلى الله عليه وسلم”، وعلمت أني أرتقيت مرتقا صعبا، وسلكت طريقا وعرا، فهو من هو، وأنا من أكون أنا لأكتب عنه، فعندما يكتب مثلي عن مثله، كمثل حصى الأرض يكتب عن نجم السماء، ، ولأني أقل من أن يتناوله شرحي أويستوفيه طرحي، فقد آثرت السلامة، وقررت الا أخوض في شرح وتصنيف، وأكتفيت بأن أحوم حول ذلك الصرح الشامخ المنيف، مكتفيا بمجرد الوصف والتعريف، لأنك مهما وصفت مقصر، ومهما فسرت فأنت غير مفسر، ومهما حللت جانبا من شخصيته أهملت جانبا أكبر، ومهما ظننت أنك عبرت فما زلت غير معبر، ولا عجب في ذلك، فما أكثر جوانب حياته، وما أغنى مآثر شخصياته

فعن ماذا سوف أتكلم عن محمد الإنسان قبل بعثته، أم محمد النبي الرسول، أم محمد القائد الحربي الشجاع، أم محمد السياسي المحنك، والدبلوماسي الذكي، فقد أجتمعت فيه صلى الله عليه وسلم صفات وخلال وشمائل، لم تجتمع في غيره من أحد من العالمين، لا من قبله ولا من بعده، وكل صفة من صفاته، وكل جانب من جوانب شخصياته، تكتب فيها الكتب، وتؤلف فيها المؤلفات، فحياته قبل البعثة محل دراسة وتحليل، وكذا حياته بعد البعث والتنزيل، وقد كتب فيها من العلماء غير قليل، فهو فخر لكل كاتب أن ينال شرف الكتابة عن حياته، سواء كان مسلما أو غير مسلم، فبقدر ما كتب عنه من علماء ومن أدباء المسلمين، كتب عنه كذلك كثير من غير المسلمين والمستشرقين، منهم المنصفين ومنهم الحاقدين، لأنه صلى الله عليه وسلم، يعتبر حالة إنسانية متفردة ونادرة، تستوقف كل ذي عقل وقلب، وشخصية عميقة وفريدة تستحق الدراسة والتحليل، وقد كانت شخصيته صلى الله عليه وسلم، غنية وثرية كل الثراء، فقد ترك لنا مخزونا وإرثا أخلاقيا يصلح لكل زمان ومكان، فما أشبه ماترك لنا ببئر لا ينقطع ماؤها، أو بنبع لا يجف ولا ينضب، ننهل منه ونشرب، فما من شيء صغيرا كان أو كبيرا إلا وجدته في سيرته العطرة، في مأكلك أو مشربك أو ملبسك، تجده ترك لك الطريقة والنصيحة، في سلمك وفي حربك، في كرهك وفي حبك، في أستقرارك وفي سفرك، في صحوك وفي نومك، مع عدوك ومع أهلك، مع أبويك ومع ولدك، وكيف لا وكل ما ترك لنا وكل ما تحدث به، ما هو إلا رسالة من ربك الذي يعلم خبايا صدرك، ويعلم أسباب غمك وهمك، ويعلم أسباب فرحك وسعدك، فتحمل الحبيب محمد ما لا يتحمله بشر، حمل رسالة من رب الى عباده وكان خير من بلغ الخبر، وقد كانت أشد عليه من القيد وأثقل من حجر، وشق بها الصدر وأنشق له القمر، وتنزل عليه يعلمه شديد القوى، وما نطق أبدا عن الهوى، ولم يترك خبرا سأل فيه إلا وروى، وما كانت الإنسانية ظمأى في أمر إلا وروى، لم يبخل بجهد في سبيل ربه وما أنزوى، ترك داره وأهله من أجلك وهاجر وبهجير الصحراء أكتوى، وبلال وعمر وسلمان وصهيب كل في مجلسه استوى، وبسيفه البتار وبصحبه الأبرار كل معوج استوى، ودانت له الدنيا وخرت الممالك لجيشه وبعد الأرض له أنطوى…

لم يكن رسولا للمسلمين، دون الكافرين، وإنما كان رسولا لبني آدم أجمعين، ليخرجهم من ضيق الظلمات الي سعة النور، ومن عبادة الأصنام الى عبادة رب العالمين، فأرسله الله سبحانه وتعالي، الى البشر كافة، عربهم وعجمهم، أبيضهم وأسودهم، أهل كتاب أو عبدة أصنام، فلم يفرق في دعوته بين شعب وشعب، ولا أمة وأمة، ولا دين ودين، وما أبلغ من آيته جل وعلا “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” عبارة كاملة وشاملة، دامغة ومؤكدة، على عالمية رسول الله، وعلى أنه لم يبعث لقوم بعينهم دون سواهم، ولم يكن متحيزا لفئة دون فئة، فلم تكن قضيتة صلى الله عليه وسلم، إنقاذ قومه بني هاشم، أو قريش، أو حتى الجزيرة العربية، وإنما كان مشغولا بقضيته الكبرى ورسالته العظمى “الإنسان”، فبعد ما بلغته الإنسانية من ضياع وغي وظلم وفساد، وأنقسم المجتمع الى أسياد وعبيد، و تعددت الآلهة، وغاب التوحيد، كان ضروريا وحتما أن يرسل الله سبحانه وتعالى منقذا للبشرية، ومخلصا للإنسانية، من براثن الشيطان، ليميط عن أفواههم اللجام، و ليعبر بها الي بر السلام، وينفض عنها ما علق بها من بقايا الرغام، وكان شرفا لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يصطفيه ربه ليكون ذلك المنقذ والمخلص، وكان شرفا لنا أن نكون من أتباعه، وما أشقى كل من سمع به ولم يتبعه، وكل من وصله خبره ولم يجبه، فما من إنسان مهما كانت ديانته، وأينما كانت بلدته، وبأي لون كانت بشرته، إلا وهو مدين لمحمد بن عبد الله الذي أرسله رب السماوات وأصطفاه…

وأعلم يا أخي أياما كانت ديانتك، إن ذلك الرجل إنما بعث لنجاتك، فاترك ما تتبع وأتبعه قبل مماتك، قبل ان يأتي يوما تجتمع فيه الجموع، وتذرف عينيك بحورا من دموع، فستذكر حينها مقالتي، وتتمنى لو كنت قبلت نصيحتي، ولن يسعك حينها الا الندم، وستزل منك القدم، وستلقى كتابك بشمالك، وتضيق في وجهك –برغم وسعها- المسالك، وصراطا كحد السيف تخطوه في وأد، وتتلقفك جهنم بعد سقوطك للأبد…

ومن منطلق عالمية رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن كونه سيد بني آدم وخير الأنام، أردت أن يكون به مستهل الكلام، فيما سأكتب إن شاء الله عن سير وتراجم الأعلام، في باب جديد أسميته باب “مشاهير وأعلام” راجيا من الله تعالى أن تعم به الفائدة، وتثبت به القلوب والأقدام…

Zaid sayed

About Author

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

إيران تتجاهل العقوبات الأمريكية
أخبار عامة

إيران تتجاهل العقوبات الأمريكية وتهدد بالرد بالمثل على قرارات ترامب

إيران قامت بالرد على ما تم إصداره من عقوبات أمريكية بحقها بأنها غير ذات أهمية وتتجاهل ما تم فرضه من
أردوغان
أخبار عامة

أردوغان يعترض على تعبير الإرهاب الإسلامي في تصريحات ميركل

أردوغان يعترض على تعبير الإرهاب الإسلامي في تصريحات ميركل في زيارتها لتركيا بعد المحاولة الإنقلابية التي تعرضت لها تركيا في