أخبار عامة

مسجد إبن طولون.. شيخ الجوامع و زهرة القطائع…

كم هي عظيمة تلك البلد، وكم هي ضاربة في التاريخ مثل الوتد، توالت عليها الدول، منها من رحلت سريعا ومنها من تطاول بها الأمد، أتوها فاتحين وغازين، محبين و طامعين، راغبين وطامحين، كل من دخلها طامعا في أسرها أسرته، وكل من رغب في سلبها سلبته، ولم يخرج منها أحدا إلا مطرودا أو مقتولا فلم يخرج منها أحدا بإرادته، لم يعرفها ملكا إلا واغراه ملكها، ولم يسمع بها أميرا إلا وطمع في حكمها، فكانت شرف الملوك، وحلم الأمراء، فنال الشرف كل من أقترب، وحظي بالمجد كل من ألح في الطلب، وأسأل التاريخ عن الفراعنة والبطالمة والرومان والعرب، فمازالت أثارهم زاهية و كأنها بنيت باليلة الماضية، وها هي عواصمهم شاهدة و باقية، تروي لنا قصص الأيام الخالية، ويمضي بها ركب الزمان، وتبلى على أعتابها الأيام، حتى طرق أبوابها فرسان المسلمون، وتتوالى عليها دولهم من أمويون وعباسيون، ويتعاقب عليها أمرائهم من مخلصون وخائنون، حتى أستقل بها أمير قوي أمين محبا للعلم والفنون، هو…

“أبو العباس أحمد بن طولون”…

وأسس مدينته الجديدة، وأسماها “القطائع”… لتكون عاصمة الدولة الوليدة، وبنى عليها “الجامع”…

ولد “أحمد بن طولون” ببغداد في عام 835 م، وتعود أًصوله الى قبائل تركية كانت تقيم في بخارى، وكان أبوه مملوكا أرسل كهدية الى الخليفة “المأمون” ضمن من أرسل من المماليك الأتراك، وكان له حظوة ومكانة لدى الخليفة فأسند اليه المناصب، وكان لطولون الكثير من الولد من ضمنهم أحمد الذي تميز عن سائر إخوته بالورع والتدين والوقار وكان حافظا للقرآن وكان حسن الصوت في قراءته، وفي نفس الوقت كان يتميز بالقوة والبأس، بسبب نشأته العسكرية، وبعد وفاة أبيه أوكل ايه الخليفة “المتوكل” ما كان يشغله أبوه من مناصب، ودخل أحمد بن طولون مصر بعد أن أنابه المعتز عليها، وكان ذلك في عام 868 م، وقضى على الفتن التي حيكت ضده في دالخل البلاد، حت أستقر له الأمر، وفي عام 877 م، أقره الخليفة “المعتمد” واليا على مصر، وبهذا أصبح حاكما شرعيا على مصر بتأييد ومباركة الخلافة، وهكذا تأسست الدولة الطولونية، وجد أحمد بن طولون أن مدينتي الفسطاط والعسكر قد ضاقتا بالناس، فقام بإنشاء مدينة القطائع، لتكون عاصمة الدولة الطولونية، وسميت بهذا الأسم لإنها كانت مقسمة الى أجزاء يسمى كل جزء منها قطيعة، وكل قطيعة تسمى باسم الطائفة التي تسكنها، سواء كانت من التجار أو الصناع أو أصحاب الحرف، وأختار مكانا مرتفعا لبنائها، لتعلو على باقي المدينة، وكان ذلك فوق ما يعرف بجبل يشكر،  وهو حاليا يقع بحي السيدة زينب، وبنى بها الجامع الذي سمي بأسمه، وهذا الجامع هو ثالث جامع بني بمصر بعد جامع “عمرو بن العاص” وجامع ” العسكر” ويعتبر الجامع الوحيد الباقي على هيئته دون باقي الجوامع، وهذا الجامع تبرز فيه أروع وأجمل الزخارف والعمارة الإسلامية، وتعتبر مئذنته أقدم مئذنة في القاهرة، وبني المسجد على الطراز السامرائي، والذي يظهر جليا في شكل المئذنة الملتوية، ويعود هذا الى تأثر أحمد بن طولون ببلد نشأته، وبني الجامع على مساحة كبيرة تبلغ ستة أفندة ونصف، وقد أنفق في بنائه مئة وعشرون الف دينار، كما كان بالمسجد أماكن لتدريس الفقه بمختلف مدارسه، كما كان يوجد به أيضا مدرسة للطب، وقد أدخل السلطان المملوكي “لاجين” على الجامع بعض التعديلات، فجعل به قبة بها فتحات صغيرة بعدد ساعات اليوم، فإذا مرت ساعة اغلقت الفتحة الخاصة بها وهكذا….

لم يكن مجرد امير إنما كان أميرا… كالنجم الساطع، ولم يكن مجرد جامع إنما كان جامعا… لكل فنون العلم جامع، ولم تكن مجرد عاصمة إنما كانت زهرة العواصم… مدينة القطائع…

Zaid sayed

About Author

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You may also like

إيران تتجاهل العقوبات الأمريكية
أخبار عامة

إيران تتجاهل العقوبات الأمريكية وتهدد بالرد بالمثل على قرارات ترامب

إيران قامت بالرد على ما تم إصداره من عقوبات أمريكية بحقها بأنها غير ذات أهمية وتتجاهل ما تم فرضه من
أردوغان
أخبار عامة

أردوغان يعترض على تعبير الإرهاب الإسلامي في تصريحات ميركل

أردوغان يعترض على تعبير الإرهاب الإسلامي في تصريحات ميركل في زيارتها لتركيا بعد المحاولة الإنقلابية التي تعرضت لها تركيا في