إعداد :هبة حزين

يعد الريحاني أحد أبرز رُوَّاد المسرح والسينما في مصروالوطن العربي لقب بـ”زعيم المسرح الفُكاهي”وهو لقب يستحقه عن جدارة بدء مسيرته الفنية ك “كومبارس”
بِدار الأوبرا حيثُ كانت الفرق الأجنبيَّة تعمل في موسم الشتاء وكانت أول رواية اشترك الريحاني في تمثيلها هي رواية “الملك يلهو” ثم التحق بفرقة سليم عطا الله وقد أسند له دور الإمبراطور فى مسرحية شارلمان ولاقي نجاح كبير بين الكتاب والنقادوالجمهور مما اثار غيره بطل الفرقة ومديرها سليم عطا الله وقرر
فصل الريحاني ليبدأ فصل جديد فى مشواره الفنى ويلتحق بفرقة جورج أبيض وكانت أول مسرحيَة يظهر فيها الريحاني هي “صلاح الدين الأيوبي ” وهي ميلودراما تاريخية وكان جورج أبيض يضطلع فيها بِدور الملك الإنجليزي ريتشارد الأول بينما اختير للريحاني دورا صغيرا هو ملك النمسا، وكان كل ما عليه أن يفعله هو أن يقف من جورج أبيض موقف المبارز ويتكلَم بضع كلمات فقط
بعد فصله من الفرقة أخذ الريحاني يتردد على المقهى يوميا لِيقضي أوقات فراغه ولحق به عزيز عيد الذي ترك هو الآخر فرقة جورج أبيض مع صديقته اللبنانية روز اليوسف وسرعان ما انضم إليهما بعض الممثلين الذين كانوا يعانون الإفلاس والبطالة وكانوا جميعًا يتطلَعون إلى تكوين فرقة جديدة وذات يومٍ قدم لهم ثري من رواد المقهى عشرة جنيهات، لِيبدءوا في تكوين الفرقة. فأنشأوا بِهذا المبلغ “فرقة الكوميدي العربي” في صيف سنة 1915م واستهلت الفرقة نشاطها في مسرح “برنتانيا” بِإحدى فارسات جورج فيدو، هي “خلِّي بالك من إميلي” ولم تلقي استحسانا من النقَّاد ووصفوها برواية مخالفة لِلواقع والمنطق والأخلاق اما الجمهور فكان يجد في الميلودرامات الموسيقية وتراجيديات جورج أبيض الكلاسيكية هي وحدهاالأشكال المسرحية الجديرة بالاحترام وأن الكوميدياخاصاالمكتوبة بالعاميةلا تستحق الأهتمام

وبعد عده محاولات للفرقة باءت بالفشل إنفصل الريحاني عن عزيزعيد ليبدأ مرحلة جديدة فى حياته الفنية بدأ يلمع فيها كفنَان كوميدي أصيل، ابتكر ما عرف باسم الكوميديا “الفرانكوعربيَّة” كما ابتكر شخصيَّته المشهورة “كشكش بك”، العمدة الريفي المحبوب لطيبته وسذاجته ومرحه وشغفه بالحياة كتب الريحاني
وأخرج أولى مسرحيات “كشكش بك” بِعنوان “تعالي لي يا بطَّة” التي استغرق عرضها عشرين دقيقة، وكان يشعربالقلق الشديد مخافة فشلها. ولكن لم يكن هناك ما يدعو للقلق، فقد ابتهج جمهور حفل الافتتاح وبدء الريحاني بِإخراج مسرحية جديدة كل أُسبوع وتتطور المسرح فيما بعد ليدخل مرحلة المسرحية الاستعراضية
والأوبريت تلك الفترة التى شهدت بداية التعاون المثمر بين الثنائي بديع خيري ونجيب الريحاني حيث شكلا أهم دعائم المسرح الكوميدي وكونا فرقةً مسرحية عملت على نقل الكثير من المسرحيات الكوميدية الفرنسية إلى اللغة العربية، وعرضت على مختلف المسارح في مصر والوطن العربي قبل أن يحول جزء كبير منها إلى أفلامٍ سينمائية فى مرحلة لاحقة

ومع فرقة الريحاني بدأت مرحلة الكوميديا الناضجة للفنان فقد تخلَى عن شخصية “كشكش بك” والشخصيَّات النمطية، وتقنية الكوميديا الفرانكوعربية، واستخدم بدلامنها شخصيات واقعية و تحول اهتمام الريحاني بشكلٍ ظاهرٍ إلى الاستعانة بِنماذج من عامة الشعب كالإسكافي، والترزي والموسيقار ونماذج أخرى من الطبقة العاملة وإلى معالجة قضايا هامة أيضا وجذب المسرح وقتها جمهور جديد من ابناء الطبقة الوسطي والعاملة فقد تطور فن الريحاني وتراجعت شخصية كشكش بيه
التي صارت نموذجا باليا، ورمزا للنظام الاجتماعي القديم، لتبدأ معها
مرحلة التقلص التدريجي للمساحة المخصصة للرقص والغناء في مسرحياته لصالح الكوميديا الناضجة المتماسكة وعلى الرغم من رصيده المسرحي الكبير، إلا أنه لم تسجل أي من هذه المسرحيات، إلا أن السينما خلدته، لكنه لم يرقى لإنتاجه المسرحي الهائل وكانت معظم مسرحياته تعالج مشكلات المجتمع من خلال فكاهة راقية ونافس الريحاني بمسرحه كل من علي الكسار وفوزي الجزايرلي وأيضًا يوسف وهبي

واعتزل الريحاني المسرح عام 1946 ليتفرغ للسينما تاركا رصيدا عذبا من المسرحيات التي تحول جزء كبير منها إلى أفلام سينمائيةحظت السينما بعشرة أفلام للريحاني كان اخرهم فيلم غزل البنات وبرغم أن تجاربه السينمائية لم تنجح بنفس القدر الذي نجحت به مسرحياته إلا انها خلدته فى تاريخ الفن السابع
توفي نجيب الريحاني في 8 يونيو1949 عن عمر ناهز الستين عاما، بعد أن تفاقمت حالته بسبب التيفوئيد، والذي أثر سلبا على صحة رئتيه وقلبه وكان سببا أساسيا في وفاته في المستشفى اليوناني بالعباسية